وظائف الترادف في اللغة :
ليس الترادف ضرباً من العبث أو نوعاً من الحلية، وإنما هو ظاهرة ذات دور عظيم الفائدة، ولكي يتضح لنا هذا الدور ينبغي لنا أن نعدّد فوائده ونسرد مزاياه، وهي أنه:
-(أ) يزيد من مقدار الثروة اللغوية، وهذا مصدر فخر وإعجاب عند بعضهم وإن كان مبعث نقد عند الآخرين.
-(ب) يمنح الكلام رونقاً وحيوية؛ فمن خلال التنويع اللفظي يكتسب الكلام جاذبية، وهذا يطرد عن السامع (أو القارئ) الملل وينفي عنه السأم، ولو أن اللغة خلت من الترادف لغدا حديث الناس متشابهاً إلى حدّ بعيد.
-(ج) يشفّ عن ذوق المتكلّم ومدى ثقافته ورهافة مشاعره، ذلك أن المتكلّم يتخير ألفاظه وفقاً لذوقه الخاص كما يفعل الجوهري عندما ينتقي الحجارة الكريمة أو المعادن الثمينة لصناعة حليّه.
-(د) يساعد الشاعر على النظم ويساعد الناثر على السجْع. ولكي يتّضح لنا ذلك نسوق بعض الأمثلة : أراد عنترة في معلقته أن يعبر عن فكرة أنّ الرماح تنهال على صدر فرسه كالحبال التي تُرسل في البئر، ولا بد أنه حين وصل إلى قوله :
يدعـون عنتـر والرمـاح كأنهـا** أشطان بئـر في لبــان [أدهم]
كان محتاجاً إلى كلمة بمعنى [حصان] مختومة بميم وعلى وزن معيّن، ولولا وجود مترادفات للحصان من طراز : (جواد، فرس، نَهْد، سابح، سرحوب، طِمرّ، يعبوب، سلهب، أدهم…) لكان مضطراً إلى نقض بناء البيت أو العدول عن الفكرة وربما عن الصورة الفنيّة الرائعة، وفي ذلك خسران للأدب والفنّ. وهذا ينطبق على المتنبي أيضاً حين أراد أن يعبّر عن فكرة أن رحيل الأحبة هدّ جسمه وحال بينه وبين النوم، فقال:
أبلى الهوى أسفاً يوم النوى بدنـي ** وفرّق الهجر بين الجفن و [الوسن ]
ولا ريب أن كلمة النوم هنا لاتصلح لسدّ الفراغ ولكن مرادفاتها اشتملت على ماهو مناسب (النُعاس، الكرى، الهجود، الرُقاد، الوسن..).ولولا وجود [الوَسَن] في اللغة لضاع التصريع ولاضطرّ الشاعر إلى نقض بناء البيت. ونحن لانقول إن المتنبي فتح كتب اللغة ووضع المترادفات أمامه، بل نقول إن ذاكرته القوية أو ذخيرته اللفظية أسعفته في هذا الموضع الحرِج وأمدّته بما هو صالح لهذا المقام.
-(هـ) يضفي على الكلام قوة. لأن الترادف نوع من التكرار في المعنى، وفي التكرار توكيد. إن كلمة " الطَرَب " في قول عمر بن أبي ربيعة :
وأنتِ قُرّةُ عيني إن نوىً نزحـت **ومُنيتي وإليك الشوقُ والطَرَبُ
لم تحمل معنى جديداً، وإنما أكّدت مفهوم الشوق تأكيداً معنوياً. وهذا ينطبق أيضاً على قول الآخر:
فلمّا أن طغوا وبغوا علينا **رميناهم بثالثة الأثافــي
-(و) يساعد على الشرح والتفسير، وهذا معروف لدى المشتغلين بصناعة المعجم، فهم يستخدمون الترادف لتوضيح معاني الألفاظ أحياناً، مثال ذلك ماقاله الرازي في تفسير كلمة طبْع وكلمة شجن " الطَّبْع : السجيّة التي جُبِل عليها الإنسان
" الشَّجَن : الحُزن، والجمع أشجـان ".
-( ز ) يساعد الألثغ على التخلّص من عيوب النُطق.. وخير مثال على ذلك ماجاء عن واصل بن عطاء الذي كان يعاني من لثغة قبيحة في الراء وكان يخلّص كلامه منها من غير أن يفطن إليه أحد، فهو يقول أعمى بدلاً من ضرير، وقمح بدلاً من بُرّ، ومضجع بدلاً من فراش. وأخباره مشهورة رواها الجاحظ والمبرّد.
-( ح ) يسعف الذاكرة عند النسيان.
( بتصرف عن عبد الرحمن دركزللي في مقال طويل له بعنوان : الترادف في اللغة
وخلاصة القول فإن الترادف ظاهرة لغوية توسع آفاق التعبير والتواصل ، كما تساعد المتكلم على فتح آفاق إبداعية رحبة .
هناك مقولة شهيرة تؤكد أن اللغة العربية غنية بمترادفاتها، والحق أن فيها ألفاظاً تتقارب معانيها ولكن لا تتحد تماماً في دلالتها.
والترادف لغةً: هو «الردف» وهو ما تبع الشيء، وكل شيء تبع شيئاً فهو ردفه.
والترادف: التتابع، ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ: {بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]. ونشير هنا إلى بعض الكلمات التي يشيع استخدامها على أنها مترادفات:
الجسم والجسد:
الجسم يطلق على: ما يكون فيه روح وحركة، أما الجسد فيستعـمل لمـا ليـس فـيـه روح أو حيـاة؛ وذلك استـناداً لقول الله ـ تعالى ـ: {وَإذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ} [المنافقون: 4]، وقوله ـ تعالى ـ: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا} [الأعراف: 148].
الصَّبُّ والسَّكب:
السَّـكب: هـو الـصَّب المتتابع، وقـد ورد هـذا اللفظ في موضع واحد في القرآن الكريم: {وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ * وَمَاءٍ مَّسْكُوبٍ} [الواقعة: 30 - 31].
أما الصَّبُّ ففيه القوة والعنف، مثل قوله - تعالى -: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ} [الفجر: 13]، وكما في قوله: {ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْـحَمِيمِ } [الدخان: 48].
وعليه؛ فاستعمال لفظ «الصب» في العذاب يوحي بظلال أخرى غير التي نحسُّها في لفظ «السكب»؛ إذ نلاحظ القوة والعنف مع الصب، والهدوء والسلامة مع السكب.
الاستماع والإنصات والإصغاء:
الاستـماع: هـو إدراك المسـموع، أمـا الإنصـات: فـهو السكوت بغية الاستماع لشـيء مـا، وعلـى ذلـك فقـد جمع الله بينهما في قوله: {وَإذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]؛ حيث إن الواجب على المسلم الاستماع للقرآن دون حديث أو حركة وذلك هو الإنصات. أما الإصغاء فمعناه لغةً: «الميل»، وذكر لسان العرب أن «أصغيْتَ إليه» أي ملْتَ برأسك نحوه، والإصغاء إذن يكون للسمع وغيره؛ فإذا مال الإنسان بسمعه قلنا: أصغى سمعه، وإذا مال بقلبه قلنا: أصغى قلبه، ومن ذلك في القرآن: {إن تَتُوبَا إلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4]، وكما في قوله ـ تعالى ـ: {وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ} [الأنعام: 113] .
الغيث والمطر:
في القرآن الكريم نجد أن الماء النازل من السماء يُذكر باسمه، والغيث والغوث هو العون والمساعدة كما في قوله: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49]، كما أن مادة «غيث» تأتي بمعنى: الماء المغيث الذي يسقي الناس والزرع؛ كما في قوله ـ تعالى ـ: {إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} [لقمان: 34]، أما المطر فقد ورد ذكره في القرآن الكريم سواء جاء اسماً أو فعلاً في خمسة عشر موضعاً؛ منها. أربعة عشر في العذاب والعقاب صراحة، منها: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ} [الشعراء: 173]، وقوله ـ تعالى ـ: {وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} [الفرقان: 40].
الزواج والنكاح:
كلمة «الزواج» والفعل «زوّج» لا يستعملان إلا بعد تمام العقد والدخول واستقرار الحياة الزوجية، لذا نلاحظ استعمال الفعل «زوّج» بصيغة الماضي الذي يدل على وقوع الحدث، كما في قوله: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ} [الدخان: 54]، وكما في قوله: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37].
أما «النكاح» فإنه يعني الرغبة في الزواج، أو إرادة وقوعه، أي قبل أن يتحقق الزواج فهو نكاح، لذلك نجد أن الأفعال التي تؤدي هذا المعنى في القرآن الكريم جميعها دالة على المستقبل؛ كما في قوله: {قَالَ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} [القصص: 27]، وكما في قوله: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ
إضافة رد
الترادف
الترادف لغة:
الترادف اصطلاحا: دلالة عدد من الكلمات المختلفة على معنى واحد، مثل:
- الجود، والسخاء، والأريحية، والندى، والسماحة، والكرم، والبذل.
- رأيت الشيء، وأبصرته، وعاينته، وشاهدته.
- عام، سنة، حول.
- طبيعة فلان، وخلقه، وسجيته، وسليقته، ونقيبته.
- وجدت فلانا مسرورا، محبورا، فرِحاً، جذِلاً، بلجاً، مستبشراً.
- الحزن، الغم، الغمة، الأسى، والشجن، الترح الوجد، الكآبة، الجزع، الأسف، الللهفة، الحسرة، الجوى، الحرقة، واللوعة.
- خاف الرجل، وفزع، وخشي، ووجل، وفرق، ورهب، وارتاع، وارتعب، وانذعر.
- الرحمة، والرقة، والشفقة، والحٌنو، والحنان، والعطف، والرأفة.
- فلان يشبه فلانا،ويشابهه،ويشاكله،ويشاكهه،ويضاهيه،ويماثله،ويضارعه،ويحاكيه،ويناظره.
- هفوة، وزلة، وسقطة، وعثرة، وكبوة.
الاختلاف حول وجود الترادف في اللغة
اختلف اللغويون قديما وحديثا حول حقيقة وجود الترادف في اللغة بين مثبت ومنكر.
المثبتون للترادف:
سيبويه: وهو من أشهر المثبتين لهذه الظاهرة. بيّن في باب (اللفظ للمعاني): "اعلم أن من كلامهم اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين، واختلاف اللفظين والمعنى واحد، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين ... فاختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين هو نحو: جلس وذهب، واختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق، واتفاق اللفظين والمعنى مختلف نحو قولك: وجدت عليه من الموجدة، ووجدت إذا أردت وجدان الضّالة، وأشباه هذا كثير."[2] فقوله: "اختلاف اللفظين والمعنى واحد نحو: ذهب وانطلق" ينصرف إلى الترادف.
الأصمعي: ألف فيه كتابا عنوانه: ما اتفق لفظه واختلف معناه. وكان يقول أحفظ للحجر سبعين اسما.
أبو الحسن الرماني الذي ألف كتاب: الألفاظ المترادفة.
ابن خالويه: الذي كان يفتخر بأنه جمع للأسد خمسمائة اسم وللحية مئتين، وأنه يحفظ للسيف خمسين اسما.
وحمزة بن حمزة الأصفهاني:الذي كان يقول إنه جمع من أسماء الدواهي ما يزيد على أربعمائة.
والفيروزآبادي الذي ألف كتابا في الترادف بعنوان: الروض المسلوف فيما له اسمان إلى ألوف.
والتهانويالذي يقول: والحق وقوعه (أي الترادف) بدليل الاستقراء، نحو أسد وليث.
ومعظم المحدثين من اللغويين العرب يعترف بوقوع الترادف في اللغة، من هؤلاء:
علي الجارم الذي يقول: إن الترادف موجود ولا سبيل إلى إنكاره، ولكن لا يجوز المبالغة فيه بإدخال الصفات مرادفة للأسماء.
إبراهيم أنيس الذي يقول إنّ علماء اللغات يجمعون على إمكان وقوع الترادف في أي لغة من لغات البشر، والذين أنكروا الترادف من القدماء كانوا من الأدباء النقاد الذين يستشفون أمورا سحرية ويتخيلون في معانيها أشياء لا يراها غيرهم وفي هذا من المبالغة والمغالاة ما يأباه اللغوي الحديث في بحث الترادف.
حجج المثبتين: يحتج بعضهم لإثبات الترادف بما يلي:
(1) لو كان لكل لفظةٍ معنى غيرُمعنى الأخرى لما أمكنَ أن نعبِّر عن شيء بغير عبارته، وذلك أنا نقول في"لا ريب فيه": "لا شكَّ فيه" وأهل اللغة إذا أرادو أن يفسروا (اللب) قالوا هو "العقل." و(الجرح) هو "الكسْب،"فلو كان الريبُ غيرَ الشك والعقل غير اللب لكانت العبارةُ عن معنى الريب بالشك خطأ، فلما عُبِّرَ بهذا عن هذا عُلم أن المعنى واحد.
(2) إنّ المتكلم يأتي بالاسمين المختلفين للمعنى الواحد فيمكان واحد تأكيداً ومبالغةً كقوله: وهند أتى من دونها النَّأْي والبعد قالوا:فالنَّأْيُ هو البعد.
(3) الترادف لا يعني التشابه التام إنما أن يُقام لفظ مقام لفظٍ لمعانٍ متقاربة يجمعُها معنًى واحد كما يقال: أصلحَ الفاسد ولمّ الشّعث ورتَقَ الفَتْق وشَعَبَ الصَّدع.
(4) وقال الطاهر ابن عاشور إذا أصبحت عدد من المفردات تدل على شيء واحد فهي من االترادف ولا يهمنا ما إذا كانت في الماضي تدل عليه أو على صفة فيه، مثل الحسام والهندي التي أصبحت الآن تدل على السيف ولا يلحظ معنى القطع أو الأصل الهندي فيها.
المنكرون للترادف: لقد أنكر الترادف فئة من العلماء قديما وحديثا من العرب ومن غيرهم:
ثعلب الذي كان يقول: لا يجوز أن يختلف اللفظ والمعنى واحد.
ابن درستويه: لا يكون فعَل وأفْعَل بمعنى واحد كما لم يكونا على بناء واحد إلا أن يجيء ذلك في لغتين مختلفتين فأما من لغة واحدة فمحال أن يختلف اللفظان والمعنى واحد كما يظن كثير من اللغويين والنحويين، وإنما سمعو العرب تتكلم على طباعها ولم يعرف السامعون العلل والفروق فظنوا أن هذه الألفاظ بمعنى واحد فأخطؤوا في فهم ذلك، وليس يجيء شيء من هذا الباب إلا على لغتين متباينتين.
ابن فارس: الذي يقول فِي هَذَا: إن الاسم واحد وهو "السيف" وَمَا بعده من الألقاب صفات، ومذهبنا أن كل صفة منها معناها غير معنى الأخرى.
أبو علي الفارسي: الذي رد على ابن خالويه، عندما افتخر بأنه يحفظ للسيف خمسين اسما، قائلا لا أعرف له إلا اسما واحدا هو السيف وأما الباقي فصفات.
أبو هلال العسكري: إن كل اسمين يجريان على معنى من المعاني في لغة واحدة يقتضي كل واحد منهما خلاف ما يقتضيه الآخر، وإلا كان الثاني فضلة لا يحتاج إليه. وقد ألف كتاب الفروق اللغوية لنقض فكرة الترادف وإبراز الاختلاف بين هذه الكلمات.
البيضاوي الذي جزم في المنهاج أن الترادفَ على خِلاف الأصْل والأصلُ هو التباينُ.
حجج المنكرين للترادف:
(1) يقول ثعلب: لا يجوز أن يختلف اللفظ والمعنى واحد لأنّ في كل لفظة زيادة معنى ليس في الأخرى، ففي ذهب معنى ليس في مضى. ويبين أبو هلال العسكري الفروق بين معاني الكلمات التي قيل فيها الترادف، فيقول:
- الفرق بين الحلم والرؤيا: كلاهما ما يراه الانسان في المنام لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير، والشئ الحسن، والحلم: ما يراه من الشر والشئ القبيح.
- الفرق بين الحماية والحفظ: أن الحماية تكون لما لا يمكن إحرازه وحصره مثل الأرض والبلد، تقول: هو يحمي البلد والأرض، والحفظ يكون لما يُحرز ويُحصر وتقول هو يحفظ دراهمه ومتاعه.
- الفرق بين الحمد والمدح: أن الحمد لا يكون إلا على إحسان، والمدح يكون بالفعل والصفة وذلك مثل أن يمدح الرجل باحسانه إلى غيره وأن يمدحه بحسن وجهه وطول قامته ولا يجوز أن يحمده على ذلك وإنما يحمده على إحسان يقع منه فقط.
- الفرق بين الخجل والحياء: الخجل مما كان والحياء مما يكون.
- الفرق بين الخشوع والتواضع: التواضع يعتبر بالاخلاق والأفعال الظاهرة والباطنة. والخشوع: يقال باعتبار الجوارح.
- الفرق بين القسم والحلف: أن القسم أبلغ من الحلف.
- الفرق بين الغضب والسخط: أن الغضب يكون من الصغير على الكبير ومن الكبير على الصغير، والسخط لا يكون إلا من الكبير على الصغير.
(2) يقول أبو هلال العسكري: الشاهد على أن اختلاف الأسماء يوجب اختلاف المعاني أن الاسم يدل كالإشارة، فإذا أُشير إلى الشيء مرة واحدة فعُرف فالإشارة إليه ثانية وثالثة غير مفيدة، وواضع اللغة حكيم لا يأتي فيها بما لا يفيد.
يبدو أن الاختلاف عائد إلى معنى الترادف. هل يعني التشابه التام في كل الأحوال أم هل يعني التشابه النسبي الذي يمكن فيه أن تستعمل لفظة مكان أخرى. إذا كان الأول فالتشابه مستحيل بين كلمتين بل إن بعض علماء اللغة يستبعد أن تشبه الكلمة نفسها في موضعين مختلفين؛ أما إذا قبلنا بالتعريف الثاني فإننا لن نعدم عددا من الألفاظ التي يمكن أن تحل محل أخرى في سياقات معينة، فنعدها من الترادف.
أسباب الترادف
1- فقدان الوصفية: بعض الألفاظ كانت تدل في الماضي على أوصاف محددة لاعتبارات معينة غير أنه مع مرور الزمن تُوسع في استعمالها ففقدت الوصفية واقتربت من الاسمية واكتفي بالصفة عن الموصوف، وأصبح هذا الوصف اسما، فمثل:
- المُدام: كانت صفة للخمر تعني "الذي أُديم في الدن"وهي الآن تُطلق على أنها اسم من أسماء الخمر.
- السيف: له اسم واحد هو السيف، وله أكثر من خمسين صفة لكل صفة دلالتها المميزة كالمهند "مصنوع في الهند" ومثلة اليماني "مصنوع في اليمن" والمشرفي "معمول في مشرف." والحسام لحدته وسرعة قطعه.
2- اختلاط اللهجات العربية: العربية لغة ذات لهجات متعددة تختلف في أسماء بعض الأشياء، فالشئ الواحد قد يسمى عند قبيلة بلفظ وعند أخرى بلفظ آخر، وبسبب اختلاط العرب في حروبهم ومعاشهم وأسواقهم فقد تطغى بعض الألفاظ على بعض، واشتهرت الكلمات التي تعتبر أسهل أو أفضل من غيرها فاجتمع للأنسان الواحد أكثر من لفظة للشئ الواحد، من ذلك مثلا:
- السكين يدعوها بذلك أهل مكة وغيرهم وعند بعض الأزد يسميها المدية.
- القمح لغة شامية، والحنظة لغة كوفية، وقيل البر لغة حجازية.
- الإناء من فخار عند أهل مكة يدعى بُرمة وعند أهل البصرة يسمى قدرا.
- البيت فو ق البيت يسمى عِلّية عند أهل مكة، وأهل البصرة يسمونه غرفة.
- الحقل "المكان الطيب يُزرع فيه" وهو الذي يسميه أهل العراق القَراح.
- المضاربة عند أهل الحجاز تسمى مقارضة.
- الجرين عند أهل نجد "المكان الذي يجفف فيه التمر والثمر" يسميه أهل المدينة المِربَد.
- المتقاضي المتجازي "من يستوفي الديون" يدعى في المدينة المتجازي.
3- الاقترض من اللغات الأعجمية: اختلاط العرب بغيرهم من الأمم الأعجمية من فرس وروم وأحباش أدى إلى دخول عدد من الكلمات الأعجمية في العربية، بعضها كثر استعماله حتى غلب على نظيرة العربي، من ذلك:
أعجمي
عربي
أعجمي
عربي
النَّرجس
العَبْهر
الأُتْرُجّ
المُتْك
الرَّصاص
الصَّرَفان
التُّوت
الفِرصاد
الخِيار
القَثْد
الياسمين
السَّمْسَق
الهاون
المِنحاز
المِيزاب
المِثْعب
المِسك
المشموم
اللُّوبياء
الدَّجَر
4- المجاز: المجازات المنسية تعتبر سببا مهما من أسباب حدوث الترادف؛ لأنها تصبح مفردات أخرى بجانب المفردات الأصلية في حقبة من تاريخ اللغة، من ذلك:
- تسمية العسل بالماذية (تشبيها بالشراب السلس الممزوج) والسلاف (تشبيها بالخمر) والثواب (الثواب النحل وأطلق على العسل بتسمية الشيء باسم صانعه)، والصهباء (تشبيها بالخمر) والنحل"العسل" (سمي العسل نحلا باسم صانعه).
- تسمية اللغة لسانا لأن اللسان آلة اللغة.
- تسمية الجاسوس عينا لعلاقة الجزئية.
- تسمية الرقيق رقبة لعلاقة الجزئية.
5- التساهل في الاستعمال : التساهل في استعمال الكلمة وعدم مراعاة دلالتها الصحيحة يؤدي إلى تداخلها مع بعض الألفاظ في حقلها الدلالي:
- المائدة: في الأصل لايقال لها مائدة حتى يكون عليها طعام وإلا فهي خوان.
- الكأس: إذا كان فيها شراب وإلا فهي قدح.
- الكوز: إذا كان له عروة وإلا فهو كوب.
- الثرى إذا كان نديا وإلا فهو تراب.
6- التغيير الصوتي : التغييرات الصوتية التي تحدث للكلمات تخلق منها صورا مختلفة تؤدي المعنى نفسه. وهذه التغييرات قد تكون بسبب:
* إبدال حرف بحرف مثل: حثالة وحفالة؛ ثوم وفوم؛ هتنت السماء وهتلت، حلك الغراب وحنك الغراب.
*قلب لغوي بتقديم حرف على آخر، مثل: صاعقة وصاقعة؛ عاث وثعا؛ طريق طَامِس وطَاسِم.
⨯
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 63 autres membres